.منظّم مثليّ سامر عويضة حول كيفية ربط النضالات العالميّة ضدّ الاضطهاد بالتحرّكات المحليّة في سبيل التغيير
.سامر عويضة خارج منزله في ادجووتر في 10 ديسمبر 2020 في شيكاغو، إلينوي
تصوير ميشال كنار
سامر عويضة غادر فلسطين في سنة 2001. عندما كان في الخامسة من عمره تاركًا مسافة 6000 ميلًا بينه وبين أسرته. غادر منزله مع والدته وشقيقته خلال الانتفاضة الثانية، وبعد أن قتل أكثر من 4000 شخصًا.
هو منظّم قديم ناشط في العديد من منظّمات العدالة الاجتماعية مثل Black Lives Matter و Anakbayan،عاش لأكثر من قديم0 من الزمن في Little Palestine. فلسطين الصغيرة التي تُّعتبر ضاحية من الضواحي الجنوبية العربية لشيكاغو، ومن المحتمل أن يكون امتداد هذه الضواحي موطنًا لمزيد من المهاجرين الفلسطينيين أكثر من أيّ مكان آخر في الولايات المتحدة. لكنّ عويضة غادر العام الماضي، والسبب : صعوبة الشعور بالانتماء في مجتمع عربيّ غالبًا ما يحذّر من الاختلاف.
حاليًّا، عويضة عضو في حركة الشباب الفلسطيني (Movimiento de la Juventud Palestina)، وهي جماعة من الشباب الفلسطيني والعربي يسعون إلى دور فاعل في تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني، والتأكيد على النضال المشترك بين جميع السكان الأصليين والمظلومين. في جامعة إلينوي في شيكاغو، أجرى عويضة أيضًا بحوثًا لتوعية الرجال المثليين وثنائي الجنس من العرب بفيروس نقص المناعة البشرية (VIH). رأى عويضة أنّ التنظيم المجتمعي غالبًا ما يعني مواجهة صعوبات في التواصل مع أشخاص لديهم وجهات نظر وقيم مختلفة.
لقد اضطررتُ بالتأكيد إلى فرض رقابة على نفسي، خصوصًا في المراحل الأولى. فمجتمعي، للأسف، لا يتقبّل المثليّة.
انتقلتُ من فلسطين الصغيرة بسبب المعاملة الاجتماعية المؤذية التي واجهتها فيها. كانت وظيفتي الأولى، هناك، بعد التخرّج، في مؤسّسة عربية غير ربحية. في ذلك الحين، ثقبتُ أذني، وأتذكّر أنّني أتيت إلى العمل في أحد الأيام، وكانت النساء يحدّقن فيّ ويتهامسن. ذات مرّة، أقبل إليّ زميل في العمل وقال : "هل تعرف ما قاله للتوّ العميل الذي لديّ الآن؟ قال إنّ أمثالك أُرسِلوا لعنةً من الله."
أدركت أخيرًا أنّ لحظاتٍ من هذا القبيل تؤلم كثيرًا، لأنّني لم أرتكب أي خطأ في حقّهم لأستحقّ كرههم. أنا هنا، حقًّا، أحاول القتال من أجل الفلسطينيين، ولا أحبّ مجتمعي الفلسطيني المحيط بي أقلّ من ذلك. أنا أحبّهم بشدة. ولهذا السبب، أستمرّ في القيام بهذا العمل.
وكان هناك تغيير. عندما شاركتُ هذا الصيف في مظاهرة في ضواحي جنوب غرب شيكاغو، رأيت عماتي وأعمامي يهتفون باللّغة العربيّة "حياة السود مهمة." كان رائعًا جدًا. صحيح، كان هناك حوالي ثلاثة أو أربعة منهم فقط، لكن لم يكن ذلك ليحدث قبل 10 أو 5 أعوام أوعامين. إنّها البداية. كان الأمر بطيئًا، لكنّنا وصلنا إليه
يحدث التغيير بشكل أبطأ، وبطريقة أكثر تعقيدًا ، لأنّك تعمل مع بشر يؤمنون بهذه الأمور. تؤمن جميع مجتمعاتنا بمكافحة العنصرية ضدّ السود لأنّ هذه القضية عالمية وتعني كلّ مجتمع. إنّها ليست مسألة خلاف. إنّها مسألة دفع الناس إليها رويدًا رويدًا
فعلًا، هذا هو الفرق بين النشاط وتنظيم المجتمع. النشاط بطبيعته فرديّ. النشاط هو أن تبادر لإحداث التغيير الذي تريد رؤيته في العالم. تنظيم المجتمع، وهو ما أردت أن أشارك فيه، لا يتعلّق بالفرد. عندئذ، يكون من الأصعب قليلا على الرأسمالية المساهمة فيه
التحدّي الأكبر والانتصار هو في الواقع أن تكون موجودًا مع أشخاص لديهم آراء مختلفة. بالنسبة لقضية فلسطين، عليّ أن أنظّم مع ناس يؤمنون بحلّ لوجود الدولتين أو مع ناس يؤمنون بالحوار مع إسرائيل. عليّ أن أعمل مع ناس يعتقدون أنّ المثليين ليسوا بشرًا. عليّ أن أعمل مع الناس الذين يعتقدون أنّ فلسطين يجب أن تكون للمسلمين فقط. عادةً لا يتعامل الناشط مع هؤلاء الأشخاص
عندما انفجرت الأوضاع هذا الصيف، كنت أخوض الكثير من الجدل مع أمي. إنّها مناهِضة للسود بطريقة تُعزّز الاضطهاد المتبادَل. بصفتها امرأة مُحَجَّبة، تعرّضت للعنصرية من السود، لذا لا يمكنها التفكير بطريقة أخرى
وقالت : "أنا لا أفهم. أنظر إلينا. لقد جئنا إلى هذا البلد. نحن مثال لأقلية. كان الأمر صعبًا علينا، لكننا قمنا به." فأجبتها : "نعم ماما، لقد فعلنا ذلك لأنّنا لسنا من السود." قالت : حسنًا، حسنًا، فهمت ذلك. أنت محقّ
ثمّ، بعد لحظات، قالت : "لكنّ أوباما أصبح رئيسًا." فقلت : حسنا، ماما، فلِنُلقِ نظرة إلى فلسطين. انظري إلى رئيسنا، من هو؟ إنّه هراء. هل هذا يعني أنّنا تحرّرنا؟
تقول : "حسنا، لكن، النهب." فأجبت : لا تكلّميني عن النهب اللعين، ماما، لأنّه عندما كانت الانتفاضة تحدث في فلسطين، كنتم جميعا تحرقون المتاجر الإسرائيلية. كنتم ترمون الحجارة.
معظم الناس في مجتمعي - معظم المهاجرين الذين يأتون من البلدان التي دمرتها الحرب - لا يفهمون حقًا التاريخ السيّئ لهذا البلد. أجد نفسي دائما أفسّر لأقربائي في الوطن كيف تأسّست أمريكا. اجلس، دعني أخبرك : ما يفعلونه هنا في فلسطين هو ما فعلوه في أمريكا في البداية. جاؤوا إلى هذه الأرض. لقد قتلوا السكان الأصليين فيها. وضعوهم في مقاطعات صغيرة
وكلّها متداخلة. الجيش الأمريكي هو الشرطة العالمية - شرطة نرسلها إلى بلدان أخرى. ICE هي الشرطة التي نرسلها إلى منازل الناس. والشرطة العادية هي التي نرسلها إلى أحيائهم.
ربّما، يعتقد الكثير من المسلمين والعرب أنّ السجن أمر طبيعي أو عادي، حيث يذهب الأشرار. بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين لا يفهمون أنّ السجن في هذا البلد مجمّع صناعي، فلنوضّح لهم ذلك: منذ عام 1967، تمّ سجن أكثر من مليون فلسطيني. هذا يشكل أكثر من 40 % من السكان الذكور من الفلسطينيين. تقريبًا واحد من كل رجلين فلسطينيين مسجون. ماذا يعني ذلك بالنسبة إلينا؟
أجل، تغيّر وجه العدو. إنّها إسرائيل. لقد فعلوا هذا بشعبنا، وأذونا، قلبوها رأسًا على عقب - حوّلوها من أجمل الأماكن في العالم إلى مكان للقواعد العسكرية ونقاط التفتيش والتلوث والقيادات الحربية اللعينة. لقد حوّلوها إلى لون رمادي. انظر ما فعلوا بنا
هل يمكنني أن أدفعك أيضا إلى التفكير في كيفية حدوث ذلك على هذا الأرض؟ نحن أدفعك0 على الصعيد العالمي نكافح. التحرير عالمي وفي كلّ المجتمعات
لا يمكنني أبدًا أن أكون سعيدًا في هذه الحياة طالما أنّني أعلم أنّ هناك أشخاصًا يعانون الاضطهاد الظالم في مكان ما لأنّني أعرف شعور المهمَّش. كنت مهمَّشًا تاريخيًّا وسياسيًّا كفلسطيني. لا أريد أبدًا أن يختبر أي شخص ذلك، لأنّني عندما أفكّر في عالم متحرّر، لا يقتصر الأمر على حدود فلسطين فقط
صديقتي لميس - وهي قديمة في الحركة الفلسطينية - طلبت منّي أن أهدأ. كنت أتحدث معها عن ميولي السياسي وكل ما يحدث في حياتي
وقالت لي : لماذا تفعل كلّ هذا؟ عليك أن تجد إجابة على ذلك
هل تفعل ذلك لأنّك اشتقت إلى رائحة فلسطين؟ هل تفعل ذلك لأنّك اشتقت إلى عمتك؟ أنت بحاجة إلى الجلوس. اجلس وتنفّس وابحث عن ذلك
ولا أعتقد أنّني وجدت ذلك بعد